الحي الصيني الإسلامي
وارف قميحة
ان تسمع بالحي الصيني أو تشاينا تاون ( Chinatown) فالامر شائع هو اسم احياء منتشرة في جميع انحاء العالم ، اغلبية سكان تلك الاحياء صينيون حيث تعتبر الاحياء الصينية مركزا هام للتجارة والسياحة ، اما الحي أو الشارع الإسلامي في مدينة شيآن الصينية لا يحتاج الى دليل للوصول اليه ، هذا المكان الحيوي الساحر زيارته تضفي جمالاً وفرحاً وبهجة للقادمين ، عند الانتهاء من زيارة برج الطبل المجاور تتبع قدميك لا إراديا” قوافل السياح المشاة القاصدين الحي الاسلامي ، كانت شيان نقطة البداية لطريق الحرير القديم قبل ألفي عام أبان حكم أسرة هان الغربية (206 ق.م – 9 م) ، انذاك وصل عدد كبير من المبعوثين والدبلوماسين والتجار والطلاب الأجانب من الدول العربية وبلاد فارس إلى مدينة شيان للتجارة والعلم فاستقروا وتزوجوا وأنجبوا أطفالًا فازداد عدد السكان تدريجيًا ، لذلك نجد ان معظم السكان هنا هم أحفاد هؤلاء المهاجرين ، المسلمين هنا هم أتباع الإسلام المتدينون والغير متدينون ، لذا فهم يشكلون مجتمعًا محكمًا يحافظ على ثقافته وتقاليده حتى يومنا هذا ، اهالي الحي يعيشون منذ الصغر بألفة ومحبة مع بعضهم البعض فقد نشأوا وترعرعوا على التقارب والاحترام والأخلاص ، لقد تضاعف أحفاد شعب هوي (كان السكان المحليون يطلقون عليهم اسم الهوي) وعاشوا في الحي ، ووصل العدد الآن إلى أكثر من 60,000 نسمة ، الحي الإسلامي يقع في شمال الشارع الغربي في وسط المدينة ، هو عبارة عن مجموعة شوارع مرصوفة بالحجارة الرمادية الزرقاء ومظللة بالأشجار الوارفة ، إلى جانب المتاجر القديمة المنحدرة من أسرة مينغ (1368-1644) وسلالة تشينغ (1644-1911) هناك عدد من المباني المعمارية القديمة لا تزال تحافظ على معالمها ، أبرزها بوابة Hanguang من سلالة تانغ (618-907 م) ، برج بوابة Xicheng من سلالة مينغ (1368-1644) ، معبد إله المدينة (معبد طاوي ) اضافة الى حوالي عشرة مساجد من بينها المسجد الكبير في Huajue Lane الأكثر شهرة وشعبية ، هذه الاماكن التاريخية التي تشكل التنوع الثقافي مع بعضها البعض أصدق تعبير عن حوار الحضارات ، على الرغم من أن شارع المسلمين Bei Yuan Men – Muslim Street يعتبر مكانًا سياحياً خلاباً من قبل الأجانب ، إلا أنه في الواقع شارعًا للوجبات السريعة الخفيفة من قبل المواطنين المحليين ، الشارع الإسلامي هو شارع المطاعم (والاكشاك ) المختلفة بإمتياز ، واجهات ، كراسي ، طاولات ، ، بائعين ، متجولين ، زبائن … بعضها متخصص في بيع الكعك ، واخرون في الفواكه المجففة أو الخبز ، اضافة الى الكثير من الأكشاك التي تبيع اللحوم ، والمؤكلات البحرية المشوية على الأسياخ إذا كنت نباتيًا ، قد ترغب في إعادة النظر في نزهة في هذا الشارع اذا كنت من مفضلي اللحوم ، هي في كل زاوية منه ، من أشهر الأطباق في الحي التي لا بدا من تجربتها والتلذذ بها هو ” روجياموه” ( Roujia mo) أو البرغر الصيني عبارة عن خبز قمته مستديرة وقاعدته مسطحة يتم حشوها بلحم البقر أو الضأن المتبل بالكمون والفلفل الممزوج بالحساء المغلي من عظام الأغنام أو البقر ، يمكن أن يكون Roujiamo أقدم شطيرة أو هامبرغر في العالم ، حيث يعود تاريخ الخبز أو “mo” إلى سلالة تشين (221-206 قبل الميلاد) واللحوم إلى سلالة تشو (1045-256 قبل الميلاد) ، فقد زعمت العديد من المصادر الصينية أن الهامبرغر نشأ في الصين ، بعد هذه الوجبة السريعة ياتي دور التحلية وما أكثرها واشهاها ، أشهرها حلوى لزجة باردة مصنوعة من الارز والعسل والمزينة بالتمر مذاق لذيذ لا يوصف ، لا غنى ايضا عن تجربة المكسرات بالقطر مثل البندقية والسمسمية ، الحق يقال ان العين تعشق قبل اللسان ،
عند السير في هذا الشارع الضيق والمتفرع حيث تصطف المتاجر على كلا الجانبين ، يمكنك أن ترى الرجال المسلمين يرتدون قبعات بيضاء ويجلسون داخل المتاجر يتحدثون بهدوء مع بعضهم البعض ، أمام أبواب بعض المتاجر ، يجلس كبار السن ذوي اللحى البيضاء على كراسي قصب يستمتعون باشعة الشمس الذهبية متأملين الأطفال الصغار الذين يلعبون على طول الشارع ، السلع الرئيسية لهذه المحلات هي الأطعمة الإسلامية الحلال المصنوعة يدويًا والملابس والهدايا التذكارية الرائعة التي تبقى راسخة في ذاكرة التاريخ وشاهدة على مسيرة طريق الحرير ، بعد انتهاء الجولة تغادر الحي الاسلامي وتشعر بجمال ثمار التعب بعد نجاح سفرك عبر الزمن بحماية ” التيراكوتا ” جيش الطين ” العظيم ” بقيادة موحد الصين الإمبراطور ” تشين شي هوانغ ”