
شدد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على أهمية الصناعة اللبنانية، وعلى تقديره للصناعيين اللبنانيين، مؤكدا أن “الفرصة المتاحة لإنقاذ لبنان واستعادة نهضته وازدهاره، باتت اكبر”.
وإذ لفت الى ادراكه لصعوبات ومشاكل القطاع الصناعي، دعا الى “طرحها ووضع التصورات العملية الدقيقة المبرمجة والممرحلة، للسعي إلى معالجتها تدريجيا، وإيجاد الحلول المنطقية والممكنة لها”.
كلام الرئيس عون جاء خلال رعايته افتتاح معرض الصناعات اللبنانية الذي أقيم في الواجهة البحرية – “سي سايد”، ونظمته جمعية الصناعيين اللبنانيين بالشراكة مع وزارة الصناعة وبالتعاون مع promofair و hospitality services، بحضور وزراء ونواب حاليين وسابقين وفاعليات رسمية واقتصادية وصناعية واجتماعية ومهتمين.
يضم المعرض، الذي يمتد على مساحة 10 الاف متر مربع، 190 عارضا، ويستمر حتى الاول من تشرين الثاني، على ان يفتتح ابوابه من الثالثة من بعد الظهر حتى التاسعة مساء.
بداية افتتح رئيس الجمهورية المعرض بقص الشريط بمشاركة وزير الصناعة جو عيسى الخوري ورئيس جمعية الصناعيين سليم الزعني، وجال معهما على أجنحة المعرض، حيث اطلع على المنتجات اللبنانية المشاركة. ثم انتقل الجميع الى قاعة المؤتمر.
بعد كلمة عريفة الحفل سابين عويس، ألقى رئيس الجمعية كلمة رحّب فيها بفخامة رئيس الجمهورية، قائلاً:
“يشرفنا ويسرنا أن تفتتحوا معرض الصناعة اللبنانية، آملين أن يشكّل هذا الحدث بداية مرحلة جديدة أكثر إشراقاً في مسيرة النمو الاقتصادي. إن وجودكم بيننا اليوم دليل على إيمانكم بالصناعة اللبنانية ودورها في الاقتصاد، ونحن واثقون بأنكم ستُعجبون بما سترونه من ابتكارات ومنتجات لبنانية عالية الجودة تعبّر بأبهى صورة عن كفاءة الصناعي اللبناني وطاقاته الخلّاقة”.
وأضاف: “فخامة الرئيس، إن اللبنانيين جميعاً يعلّقون آمالاً كبيرة على عهدكم ويتطلعون إلى إعادة بناء الدولة على أسس تلبي طموحاتهم وتحقق الأمن والاستقرار والازدهار. ونحن نؤمن بأن الصناعة الوطنية هي إحدى الركائز الأساسية في مشروع الدولة المنشودة، إذ تشكل عاملاً حاسماً في عملية النهوض الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي”.
وأكد أن “الصناعة اللبنانية تتمتع بأعلى معايير الجودة وتغطي معظم القطاعات، وتحتل موقعاً وازناً في السوق المحلية، كما تصدّر منتجاتها إلى الأسواق العالمية الأكثر تطلباً في أميركا وأوروبا والعالم العربي وأفريقيا وآسيا وأستراليا”.
وأشار إلى أن “الصناعة هي التجسيد الأصدق لهوية لبنان وإبداع أبنائه”، مشدداً على أن جمعية الصناعيين تعوّل على العهد والحكومة لترسيخ مكانة الصناعة في صلب المعادلة الاقتصادية والاجتماعية، عبر تشجيع المستثمرين وتبني الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أعدّها وزير الصناعة جو عيسى الخوري بمشاركة الجمعية، والتي سيُعلن عنها خلال المعرض”.
وختم بالقول: “سنواصل العمل لتحقيق نقلة نوعية في صناعتنا الوطنية ولن نقبل بأقل من العالمية. لقد أثبتت الصناعة اللبنانية خلال الأزمات الأخيرة أنها ركيزة أساسية للاقتصاد وصمام أمان للمجتمع، واليوم، في زمن الاستقرار، لن يكون هناك نمو اقتصادي من دون نمو القطاع الصناعي الشرعي القادر على تحقيق التنمية المستدامة. فلبنان كان وسيبقى بلداً صناعياً بامتياز، مواكباً للتطورات العالمية وللتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. صنع في لبنان وسيبقى مع لبنان إلى أبد الآبدين”.
ثم ألقى وزير الصناعة جو عيسى الخوري كلمة أعلن فيها أن “مجلس الوزراء قرر اعتماد أول خميس من شهر تشرين الثاني من كل عام يوماً للصناعة اللبنانية”، معتبراً أن “هذا اليوم يشكل لحظة مفصلية نعيد فيها الاعتبار للإرث الصناعي اللبناني”.
وأكد أن “الصناعة ليست تفصيلاً هامشياً بل عمود الاقتصاد الفقري، إذ تسهم بأكثر من 20% من الناتج المحلي وتضم أكثر من 7000 مؤسسة و250 ألف عامل، وتصدر أكثر من 780 منتجاً إلى 168 بلداً بقيمة تفوق 2.5 مليار دولار سنوياً”.
وأشار إلى أن “العالم يمر بتحولات صناعية كبرى بفعل الابتكار الرقمي والاتجاه نحو الاقتصاد المستدام، ما يتيح للبنان فرصاً لتطوير صناعات خضراء متقدمة”. وأضاف أن “الاستراتيجية الوطنية للصناعة تهدف إلى تحويل لبنان إلى مركز صناعي رائد تقوده صناعات مبتكرة عالية القيمة، تولّد فرص عمل وتقلّص العجز التجاري”، موضحاً أن أولوياتها تشمل تعزيز بيئة تنافسية، وترسيخ علامة “صنع في لبنان”، وتطوير المساحات الصناعية، وتمكين الكفاءات، ودعم الصناعات المستدامة والدائرية.
وأكد أن “لبنان يمتلك مقومات فريدة لا تستطيع أي أزمة أن تنتزعها”، داعياً الصناعيين إلى الاستثمار في الابتكار، واللبنانيين المقيمين والمغتربين إلى دعم الصناعة الوطنية، والقطاع العام إلى مؤازرة القطاع الخاص، والشباب إلى البقاء والإبداع في وطنهم.
وشدّد على أن “لا اقتصاد ولا صناعة من دون أمن واستقرار، ولا ازدهار من دون دولة فعلية”، مستشهداً بجبران خليل جبران: “ويل لأمة تستورد أكثر مما تنتج”.
بعد ذلك، ألقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كلمة استهلها بالقول:
“في رؤيا يوحنا يقول الله: ها أنا أصنع كل شيء جديداً، وفي القرآن الكريم يقال: صنع الله الذي أتقن كل شيء. ليست مصادفة هذا الربط الإيماني بين الله والإتقان والصناعة. أنتم قادرون وزيادة، لكن الظروف تفرض علينا مسؤوليات إضافية لأن الحاجات كبيرة والفرصة أكبر”.
وأكد أن “لبنان، رغم مساحته المحدودة، يتميز بثروة بشرية كبيرة وموقع جيوسياسي يمنحه ميزات تفاضلية، ما يستوجب تطوير صناعات المعرفة والرقمنة، ومواكبة التحولات العالمية بخطط عملية واقعية لمعالجة مشكلات الطاقة والاتصالات والبنى التحتية والتمويل”.
وأضاف: “أحيي صمود الصناعيين الذين احتضنوا نحو 200 ألف فرصة عمل رغم الأزمات، وما زالوا يشكلون نسبة وازنة من الناتج الوطني وجزءاً أساسياً من صورة لبنان (Lebanon Brand)”.
وختم قائلاً: “قد نكون اليوم أمام الحاجة إلى مشروع شامل يقول لكل لبناني: بدك ترجع لبنان؟ رجّع صنع في لبنان، ورجّع استهلك من لبنان، ورجّع صدّر بضاعة لبنانية. بهذه الرؤية والهدف، يشرفني أن أفتتح معرضكم العظيم هذا دعماً للقطاع الصناعي وسعياً إلى تطويره ونموه”.
وفي ختام الحفل، قدّم الزعني باسم جمعية الصناعيين، وبمشاركة وزير الصناعة، درع الجمعية إلى رئيس الجمهورية.




